جوجل : سياسة الاستغباء و حقيقة التجسس و انتهاك خصوصيات الناس
لكن اذا كانت الشركة الأمريكية التي تتحكم
في اتجاهات الويب اليوم , تستغل قوتها و تفوقها لابتزازنا نحن المستخدمين و
اختراق خصوصياتنا ، فهذا غير مقبول و لم يعد يطاق ، أقولها بكل صراحة لأني
أملك الأدلة التي يمكن لمستخدمي جوجل معرفتها بسهولة ، و التي تشير الى
ضلوع جوجل في عملية عملاقة للتجسس على الناس و استغلال بياناتهم للربح
المادي.
و هذا لا يعني أني ضد جوجل في جني المال
عبر خدماته , أو ضد تحسين مصادره المالية , فجوجل كغيرها من الشركات تقدم
الخدمات لتربح و تبني ثروة و تطور من مداخيلها المادية بشكل كبير و هذا من
حقها.
المشكل يكمن في أمور أعمق من الربح بحد
ذاته , انه يكمن في الاستغباء الذي يمارسه مع مستخدميه ، يظن أنهم لن
يكتشفوا بأنه يستغلهم ليبني السلطة و المجد و الثروة التي يسعى اليها عبر
الاحتيال الالكتروني الخلاق.
في هذا المقال ، سنغوص معا في تفاصيل
عمليات اختراق الخصوصية و عمليات التجسس التي يتبناها جوجل ليربح المزيد من
المال و يربط الجميع بخدماته أكثر من اي وقت مضى.
Gmail خدمة بريد بسيطة في مظهرها … و معقدة أكثر من الخيال في باطنها.
يجمع مستخدمي بريد جوجل Gmail ، أن هذه
الخدمة بسيطة في مظهرها و لا تتضمن ديكورات جمالية و لا ألوانا كثيرا ، كما
اعتدنا من الخدمات المنافسة , و في وقت يحكمها اللون الابيض و الخفة ، فان
هناك عمليات لا ترى بالعين تحدث وراء هذه الواجهة ، و لعل تعقب ارسال و
استقبال الرسائل أهم هذه العمليات التي تهذف الى تخزين رسائل المستخدمين
ليس بشكل مؤقت على خوادم جوجل ، و لكن للوصول اليها عند الحاجة ، فأنظمة
جوجل الداخلية تسمح بالولوج الى الرسائل التي يدور موضوعها مثلا حول “أحداث
مصر” لتصنف تلك الأنظمة الرسائل حسب الموقع الجغرافي و حسب الجنس و الأخطر
حسب وجهات النظر التي يدافع عنها المتراسلين ، و هذا أبسط مثال فقط أما
التفاصيل التي تحترف تلك الانظمة التركيز عليها لتصنيف الناس لمؤيد و معارض
و محايد حول قضية معينة كثيرة و غامضة أيضا .
ليس فقط عملية جمع المعلومات هي التي تحدث
وراء واجهة Gmail الناصعة ، لكن الناظر الى الاعلانات الجانبية و التي تظهر
في الرسائل الواردة و الصادرة ، يدرك تماما أن تلك الاعلانات التي تظهر
جانبا لم تخرج هباءا منثورا و بعشوائية ، لتكون النتيجة توافقها التام مع
محتوى الرسالة ، أقصد أنك عندما تتواجد على رسالة أرسلتها لصديق حول فندق
ما أقمت به في عطلتك ، تتواجد بالجانب الايسر للرسالة مجموعة من الاعلانات
لفنادق مختلفة ! هل تعتقد أنها صدفة تتكرر دائما ؟ حسنا المعلوم أن الصدف
في الطبيعة تقع مرة واحدة في مدة كبيرة ، و لا تقع بشكل متكرر و في هذه
الحالة الاعلانات التي تظهر جانب الرسائل يتم اختيارها بعناية من طرف
خواريزميات جوجل ، القادرة على تحديد المواضيع التي تدور حولها الرسائل
التي يتم تبادلها بين مستخدمي الخدمة.
Gmail للأسف لا يتوقف عند حد تخزين رسائل
المستخدمين و اظهار الاعلانات المرتبطة بمحتواها . بل يتعدى ذلك الى معرفة
الارتباطات الشخصية و العائلية التي تربط بين المتراسلين ، و على الأغلب
يعتمد في ذلك على أمرين , الأول هي المواضيع التي يدور حولها النقاش بين
الطرفين ، و الامر الثاني الأكثر دقة هو تموقع جهات الاتصال في القوائم
فالكثير من المستخدمين يفضلون وضع جهات اتصالات أقاربهم ضمن دائرة العائلة و
هكذا بالنسبة للأصدقاء و المعارف أيضا.
محرك بحث جوجل … نتائج بحث أفضل مبنية على بياناتنا و عمليات البحث السابقة.
من يتبع المنطق في فهم الأمور كما هي ، لن
يقبل أبدا أن يأتي اليه شخص ما ليقنعه بفكرة أن نتائج البحث التي يعرضها
لنا جوجل ، ليست الا نتاج لخواريزميات ترتب نتائج البحث بناء على سمعة
المواقع المقدمة للمحتوى و جودة المقالات و الأخبار و مدى بقاء الناس فيها
لمدد طويلة ! نعرف أنها ليست الا عوامل ضمن معيار لعوامل تجاوز حاليا
عددها 100 عامل ، و منها بالطبع المشاركات على جوجل بلس و الصور التي تم
رفعها الى بيكاسا ، و لا ننسى أيضا الأنشطة التي تتم على تطبيقات و خدمات
أخرى لجوجل و بالطبع عمليات البحث السابقة التي لا تستطيع مسحها في خوادم
جوجل.
أليست العوامل الأربعة التي ذكرتها مؤخرا
شخصية في طابعها ؟ أليست هي جزء من نشاطك على الويب و الذي يستغله جوجل
ليعرض نتائج البحث الخاصة بك ، و أيضا لأصدقائك و معارفك على جوجل بلس ؟
لهذا لم يعد من الغريب أن تجد نتائج بحث
جوجل أكثر جاذبية لكونها تخصك أكثر ، من تلك التي يقدمها بينج و ياهو فعند
البحث عن هذا المقال سيعرض لي جوجل نتائج بحث ، منها هذه الصفحة و الصور
التي شاركتها على جوجل بلس حول جوجل ، بل سأرى ايضا نتائج بحث لأصدقائي
كتبوا و شاركوا حول هذا الموضوع أيضا ، منهم من يملك مدونات و منهم من شارك
ذلك على المنتديات و المجلات.
و بالفعل سأضغط على تلك النتائج و احاول
استكشافها لأكبر قدر من الزمن ، و هذا هو الهذف من جوجل انه يعرف أن تلك
النتائج تهمني أكثر من العامة و لهذا يعطي لما هو شخصي أولوية أكبر من
العمومي.
و الفاجعة ان جوجل يستعد أيضا لاضافة
المزيد من النتائج و المتعلقة بالأسئلة التي نطرحها يوميا ، و عادة ما تكون
أجوبتها خاصة بنا ، و قد طرح أحد زملائي هنا بعالم التقنية خبرا بعنوان ” قوقل يجلب حجوزات الفنادق والطيران في نتائج البحث
” ، وهو ما يشير الى أننا سنرى المزيد من النتائج التي ستعتمد على تطبيقات
جوجل التي نستخدمها على الهواتف الذكية و خدمات الويب التي يقدمها.
جوجل … نعرف أين أنت و ما الذي تبحث عنه و وجهتك القادمة
انها مقولة من جوجل و ان كانت الصياغة
الأساسية هي “بعذ اذنكم … نحن نعرف مكان وجودك و نعرف أين كنت و ما الذي
تفكر فيه” ، و الحقيقة أنها مقولة غير عادية أبدا و تحمل معاني كثيرة يجب
استيعابها الأن لنعرف مع من نتعامل في هذه الحالة .
شخصيا و من زاوية الرؤية الخاصة بي ، أرى
أن اريك شميدت الذي صرح بهذا القول اعترف بشكل مباشر أن استخدام خدمات جوجل
، هو تفويض للشركة لتتبع أنشطتك على مختلف التطبيقات و الخدمات التي
تقدمها ، و أن ما نقوم به و ما نشاركه معروف و مخزن في خوادم مخصصة لذلك ،
بل أن الشركة قادرة على معرفة الموقع الجغرافي الخاص بك و تقديم الاجوبة
التي تهمك حسب الكيفية التي تفكر بها.
هذا خطير جدا ، و يدعونا بالفعل للسعي لتحقيق الرؤية التي تحدتث عنها من قبل في مقال خاصة كتبتها من قبل بعنوان ” الشبكات الاجتماعية و محركات البحث … في ويب المستقبل” ، لعل و عسى أن نقلل من الضرر و ننتهي من استخدام منتجات الشركات التي لا تحترم خصوصياتنا و لا عقولنا.
Aucun commentaire:
اضافة تعليق