
يمكن للتطبيقات العربية أن تكون الأفضل في العالم بشرط واحد … تطبيق ما في السطور التالية
أغلبية التطبيقات العربية على مختلف المنصات و الأنظمة التشغيلية فاشلة و قد تطرقنا إلى ذلك في مقال سابق قمت بكتابته تحث عنوان “ما الذي يجعل التطبيقات العربية على مختلف المنصات فاشلة ؟” ، و الذي استعرضت فيه الواقع المزري للإنتاجات العربية في هذا الصدد .
المشكلة أن بعض الناس إنتقدوا و بقوة ما
قلته في المقال السابق ، و البعض و للأسف عوض أن يستعرض الأدلة التي تدفعنا
للقول بأن التطبيقات العربية ناجحة حسب وجهة نظره ذهب إلى الإساءة لشخصية
الكاتب و عمله ، متناسيا أن هذا غير مسموح به أخلاقيا و حتى من النظرية
القانونية .
المسألة و ببساطة هي أن الواقع مزري في هذا
الصدد و إن كانت هناك فعلا بعض النمادج التي تدفعنا للتفاؤل بمستقبل
التطبيقات العربية سواء على الويندوز و الويندوز فون أو على الأندرويد و
الـ iOS و القائمة طويلة .
لكن نعود و نقول أن حتى تلك النمادج لا
تزال مخجلة و لا يمكننا مقارنتها بأفضل التطبيقات العالمية التي تحصد
التقييمات الإيجابية و المراجعات الممتازة لكونها تحترم الكثير من المعايير
التي تجاهلها معظم المطورين العرب مع تقديرنا لجهودهم .
نحن في عالم التقنية لدينا إيمان بأن
العالم العربي يستطيع أن يكون الأفضل في كل قطاعات التقنية ، لكن ليس قبل
أن نعترف بالتحديات و المشاكل التي نعاني منها على هذا المستوى ، فالإعتراف
بها يجعل العمل للقضاء عليها سهلا ، ما يؤدي لاحقا لرؤية النتائج التي
يهدف إليها كل شخص يعمل في هذا المجال.
المقال السابق كان خطوة ضرورية للتعريف
بالمشاكل التي تعاني منها التطبيقات العربية ، و لعل المطور العربي الذكي
هو الذي سيوافقني في كل ما قلته سابقا ، أملا منه أن يتوصل إلى كيفية واضحة
للإنطلاق مجددا نحو النجاح بصورة و بمنهجية مختلفة تماما ، و هي التي
سأستعرضها في هذا المقال .
السؤال الذكي الذي يجب على المطور العربي
أن يطرحه هو : ما الذي يجب علي أن أفعله كي تكون تطبيقاتي ناجحة ؟ و نعني
بذلك أن تكون منتشرة ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العالمي
أيضا ، و أن نرى التطبيقات العربية الهادفة ضمن أفضل 10 تطبيقات الأيفون و
الأيباد و الاندرويد و القائمة طويلة …
حسنا السطور القادمة أخدت على كاهلها
الإجابة عن هذا السؤال ، أملا منا في أن يعمل المطور العربي على تطبيقات
تحترم الشروط و المعايير و المتطلبات التالية .
1- تطبيقات موجهة للعالم كله دون إستثناءات
إن أول مفتاح للنجاح في قطاع صناعة تطبيقات
المكتب و المحمول ، هو العمل على جعل تطبيقك موجها لكافة دول العالم دون
أية استثناءات ، و هذا ما يجعل الجمهور المستهدف محلي و عالمي لتكون
النتيجة الكثير من الإنتشار في وقت وجيز .
و لكي يتحقق ذلك فعليك أن تعمل على توفير
تطبيقاتك بالعديد من اللغات العالمية و لعل العربية و الإنجليزية أبرزها و
ذلك أقل ما يمكنك فعله ، فالعربية سيفضلها المستخدم المحلي لكونها لغته
التي يفهمها و يتعامل بها بسهولة ، بينما الإنجليزية لغة عالمية يفهمها
غالبية العالم بمن فيهم الأسيويين و الأوربيين و حتى الأفارقة الذين تعد
اللغة الفرنسية اللغة الثانوية عندهم .
و بطبيعة الحال فكلما ازدادت عدد اللغات
التي يتوفر بها تطبيقك كلما كان الإنتشار أسرع ، فرغم أن الفرنسيين يفهمون
اللغة الإنجليزية إلا أن الكثير منهم سيفضلون إستخدام تطبيقك إذا كان يوفر
لهم واجهة فرنسية ، و هكذا بالنسبة لبقية الشعوب و أنماط المستخدمين.
مسألة اللغة ليست هينة و علينا أن لا
نستهين بهذه النقطة المهمة ، لأن المسألة في حد ذاتها تبقى بالنسبة
للمستخدم قضية ثقافة و هوية مهمة بالنسبة له ، و هنا أود أن أشير إلى أنه
كلما عملت على توفير تطبيقاتك بلغة المستخدم المستهدف كلما أحس هذا الأخير
بأنه يتعامل مع تطبيق “محلي” بالنسبة له ، و أنك فعلا مهتم به ما يجعله
فعلا يدافع عن تطبيقاتك لهذا السبب .
و هنا علينا أن نذكر أن تطبيق الفيس بوك
على الأيباد و الأيفون متوفر بحوالي 26 لغة عالمية ، ما يجعلنا ندرك أحد
العوامل التي ساهمت في انتشاره عالميا وسط منافسة قوية لا ترحم . و تطبيقات
اخرى توفر لك الولوج إلى حسابك في الشبكة الإجتماعية الأكبر في العالم.
2- واجهة بسيطة و سهلة
أغلبيتنا تستخدم التطبيقات العالمية على
مختلف المنصات المكتبية و المحمولة ، هل تساءلتم لماذا نفضلها على بعض
التطلبقات العربية البديلة ؟
الإجابة تكمن أيضا في سهولة التعامل معها و
قدومها بواجهة بسيطة ، نعم إنها البساطة يا سادة فبالرغم من كون عملية
تصميم و تطوير تلك التطبيقات معقدة إلى أن الصورة النهائية التي حرص
المطورين العالميين لخلقها تبدوا بسيطة جدا .
و مرة أخرى أعطي سؤالا متعلقا بتطبيق الفيس
بوك على مختلف المنصات سواء على الأندرويد أو الأيفون و الأيباد و حتى على
الويندوز 8.1 … هل واجهت صعوبات كبيرة في التعامل مع التطبيق دفعتك
لإزالته و البحث عن بديل أخر ؟
الجواب مسبقا هو لا ، التطبيق يمكنك
التعامل معه بسهولة جدا حيث يمكنك من خلاله إستعراض أخر منشورات أصدقائك و
صفحاتك و نشر منشوراتك و القيام بكل ما هو متاح بسهولة و دون الحاجة
للإستعانة بقريب أو تعليمات الإستخدام !!!
3- أفكار جديدة كليا أو تطبيقات بمميزات جديدة
المشكلة التي يعاني منها الكثير من
المطورين العرب حاليا هي إنعدام الأفكار الجديدة التي يمكن على أساسها
برمجة و تطوير تطبيقات جديدة كليا يمكنها أن تنتشر كالنار في الهشيم ، لهذا
اتجه البعض منهم إلى برمجة تطبيقات تفسير الأحلام و الأبراج و حتى
التطبيقات الإباحية ما يهدد سمعة المطور العربي أمام العالم كله .
الحل في هذا الصدد هو إما البحث عن أفكار
جديدة حتى و إن تميزت “بالجنون” و القيام ببرمجة تطبيقات على أساسها مع
التأكيد على أن تكون تطبيقات هادفة تساعد المستخدمين في حياتهم على الويب
أو حتى في واقعهم ، و قد نلجأ فعلا إلى تقليد التطبيقات المتوفرة حاليا مع
إضافة لمسة و مميزات جديدة .
و بالتأكيد أعرف أن الكثير من المطورين
العرب سيلجأون فعلا للخيار الثاني و هذا ليس عيبا ، العيب هو أن تقوم مثلا
ببرمجة تطبيق متصفح يشبه في واجهته و مميزاته و كل نواحيه Firefox Browser
أو متصفح أخر و هذا ينطبق على تقليد كل التطبيقات المتوفرة حاليا في مختلف
المجالات.
إنما الذكاء فعلا هو أن تقوم أولا بدراسة
التطبيقات التي تود منافستها ، و في هذا الصدد أريد مثلا برمجة تطبيق متصفح
ينافس المتصفحات العالمية على الأندرويد ، كل ما علي هو دراسة كل
المتصفحات المتوفرة و محاولة استخلاص نقاط القوة لكل تلك التطبيقات من أجل
برمجة متصفح يجمع كل تلك نقاط القوة التي تفتقدها معظم المتصفحات في
النتيجة الإجمالية ، و هذا بالفعل ما نسميه “انتاج و تطوير تطبيقات بمميزات جديدة”.
4- التحديث المتجدد و المستمر
عندما تقوم بإصدار تطبيق معين فهذا لا يعني
أنه عليك تركه معروضا على الويب للتحميل لتنتهي مهمتك ، و تراقب فقط عدد
التحميلات أو الأرباح التي يمكنك تحقيقها من الإعلانات التي تظهر عليه ، بل
عليك العمل على مواصلة البحث عن أفكار جديدة لتوطينها عليه ضمن التحديثات
القادمة ، و مراقبة المراجعات و أراء الناس و محاولة معرفة المميزات التي
يريد المستخدمين رؤيتها في التحديثات القادمة.
هذا بالفعل إلى جانب العمل في التحديثات
على تحسين الأداء و جعل التطبيق متوافق مع المنصات التي يتواجد عليها لتجنب
ظهور أية تغرات أمنية تعرض أجهزة المستخدمين للخطر.
5- توفيرها للمنصات المحمولة و المكتبية
إذا كانت تطبيقك متوفرا فقط على الأندرويد
مثلا فأنت مخطئ تماما إذا كنت لا تعمل على توفيره للأيباد و الأيفون و بقية
المنصات المنافسة ، فعدم توفر تطبيقك على بقية المنصات يعني لمستخدميها
أنك غير مهتم بهم و أنك أصلا غير معترف بهم ، و هو ما يجعل نظرة الجماهير
إلى تطبيقك تبدوا و كأنها نظرة “غير محترمة”.
حسنا هذا يعني أنه من الغباء التركيز على
منصة واحدة و من العبقرية جدا العمل على توفير تطبيقك على الأندرويد و
الأيباد و الأيفون و الويندوز فون أيضا و بقية المنصات الأخرى ، كما أن
توفيره على المنصات المكتبية يتيح لك إستهداف العاملين على الأجهزة
المكتبية ، و هنا نقصد الموظفين في الشركات و حتى أصحاب العمل الحر الذين
يعملون لساعات طويلة على الجهاز المكتبي .
لا ننسى أن لكل منصة جمهورها و خصوصياتها ،
و هذا ما يفرض عليك توفير تطبيقاتك لكل المنصات مع إحترام المعايير و
المتطلبات التي تخص كل جمهور على حدا مع العمل على توفير التحديثات
لتطبيقاتك بسرعة أكبر .
6- إنفاق بضعة دولارات يعود عليك بالشهرة و ألاف الدولارات
عملية إنتاج التطبيقات الناجحة تبقى مكلفة
صراحة و لمن يعتقد أن الأمر بسيط أو مجاني فهو واهم بكل بساطة فبعد أن
تقضي أيام كثيرة في تطوير تطبيقك و توفيره على مختلف المنصات و هذا على
الأرجح بالتعاون مع زملائك أو أصدقائك المتخصصين ، يأتي في الأخير دور
الإعلانات و الترويج الإعلاني و في هذا الصدد ، أمامك العديد من الخيارات .
أولها إنشاء موقع خاص بالتطبيق يتضمن
الأخبار الخاصة به و روابط تحميله و ما إلى غير ذلك من الأمور الضرورية
التي تدفع المستخدم لاستخدامه ، و من ثم إنشاء صفحة تخص التطبيق أيضا على
الشبكات الإجتماعية لتكوين جمهور خاص به . بعدها يمكنك التوجه إلى البرامج
الإعلانية المتاحة و منها إعلانات الفيس بوك ، و إعلانات جوجل و حتى حسوب …
لدفع بضعة دولارات و البدء في الترويج لمواقع و صفحات تطبيقك ليعثر عليك
المستخدمين المستهدفين.
من جهة أخرى هناك طرق أيضا تكون مؤثرة بشكل
أكبر في إنتشار تطبيقاتك و لعل الإنفاق على المراجعات المدفوعة أبرز تلك
الطرق ، حيث يمكنك العمل على الإتصال مع أصحاب المواقع الشهيرة من أجل دفع
بعض المال لهم من أجل أن يعمل المحررين فيها على كتابة المراجعات و الأخبار
التي تخص تطبيقاتك ما يدفع الكثير من الناس للحديث عنها و إنتشارها يكون
أسرع و أسهل .
و بطبيعة الحال فإن قدوم تطبيقاتك بمميزات ثورية هي التي ستدفع العالم تلقائيا للحديث عنها ، دون أن تدفع سنتيما واحدا.
خلاصة المقال :
شخصيا أنا من أشد المتفائلين بمستقبل
العالم العربي في كل قطاعات التقنية ، و المقال السابق ليس إلا إستعراضا
لمستوى التطبيقات العربية ، و اليوم جاءت الأسطر السابقة كحل للمشكلة التي
تعاني منها أغلبية التطبيقات المحلية على مختلف المنصات و في جميع المجالات
.
و في حالة توجه المجتمع التطويري العربي
لتبني ما جاء في السطور السابقة فمن المنتظر فعلا أن نرى خلال الأشهر و
السنوات القادمة تطبيقات جذابة و مربحة لأصحابها بل تطبيقات تحقق نجاحات
مبهرة و تاريخية .
حسنا يا رفاق هل يمكنكم فعلا برمجة تطبيقات تحقق الشهرة مثل تطبيق الفيس بوك مثلا ؟ أنا واثق أنكم تستطيعون القيام بذلك .